كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
غزيرة لعائشة ؛ وكانت العريّس لأمّ سلمة ؛ فأغار عليها عيينة بن حصن في أربعين فارساً فاستاقوها وقتلوا ابن أبي ذرٍّ ؛ ثم ركب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه حتى انتهوا إلى ذي قردٍ فاستنقذوا منها عشراً وأفلت القوم بما بقي ؛ وقيل : بل استنقذها كلّها منهم سلمة بن الأكوع حين يقول : ما خلق الله شيئاً من ظهر النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) إلا خلّفته وراء ظهري واستنقذته منهم ؛ وذلك في شهر ربيع الأوّل سنة ستّ . وكانت لقاحه ( صلى الله عليه وسلم ) ، التي كان يرعاها يسارٌ مولاه بذي الجدر ناحية قباء قريباً من عير على ستة أميال من المدينة ، خمس عشرة لقحةً غزاراً استاقها العرنيّون وقتلوا يساراً وقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات . فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في إثرهم كرز بن جابر الفهريّ في عشرين فارساً ؛ فأدركوهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة ، فقطّعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم وصلبوا . وفيهم نزل : " إنّما جزاء الّذين يحاربون الله ورسوله " الآية ؛ وذلك في شوّال سنة ستّ . وفقد النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) منها لقحةً تدعى الحنّاء ؛ فسأل عنها فقيل : نحروها .
وقيل : كانت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سبع لقائح تكون بذي الجدر ؛ وتكون بالجمّاء : لقحةٌ تدعى مهرة وكانت غزيرةً ، أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بني عقيل ، ولقحة تدعى بردة تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان ، أهادها له الضّحاك بن سفيان الكلابيّ ، والشّقراء والرّيّا والسّمراء والعريّس واليسيرة والحنّاء يحلبن ويراح إليه بلبنهنّ كلّ ليلة .
وفي غزاة بدر غنم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جمل أبي جهل وكن مهريّاً يغزو عليه ويضرب في لقاحه . ذكره الطبريّ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً لأبي جهل في رأسه برةٌ من فضّة ؛ ليغيط بذلك المشركين . ذكره ابن إسحاق .

الصفحة 68