كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 77 """"""
أعيذها نظراتٍ منك صادقةً . . . أن تحسب الشّحم فيمنشحمه ورم
وما الفائدة لك في ذبحي وإنما أنا كما قيل :
لم يبق إلاّ نفسٌ خافت . . . ومقلةٌ إنسانها باهت ليس لي لحم يصلح للأكل ، فإنّ الدهر أكل لحمي ؛ ولا جلدٌ يصلح للدّبغ ، فإن الأيام مزّقت أديمي ؛ ولا صوفٌ يصلح للغزل ، فإن الحوادث حصّت وبري . وإن أردتني للوقود فكفّ بعر أدفأ من ناري ، ولم تف حرارة جمري برائحة قتاري . ولم يبق إلاّ أن تطالبني بذحل أو بيني وبينك دم . فوجدته صادقاً في مقالته ، ناصحاً في مشورته . ولم أعلم من أيّ أموره أعجب : أمن مماطلته الدّهر على البقاء ، أم من صبره على الضّر والبلاء ، أم من قدرتك عليه مع عوز مثله ، أم من إتحافك الصديق به على خساسة قدره . ويا ليت شعري إذا كنت والي سوق الأغنام ، وأمرك ينفذ في المعز والضأن ؛ وكلّ حملٍ سمين ، وكبش بطين ؛ مجلوبٌ إليك ، وموقوفٌ عليك ، تقول فيه فلا تردّ . وتريد فلا تصدّ ؛ وكانت هديّتك هذا الذي كأنّه انشر من القبور ، أو أقيم عند النّفخ في الصّور ؛ فما كنت مهدياً لو انك رجل من عرض الكتّاب ، كأبي عليّ وأبي الخطّاب ما تهدي إلاّ كلباً أجرب ، أو قرداً أحدب .
وقال شاعرٌ في هذا المعنى :
ليت شعري عن الخروف الهزيل . . . ألك الذّنب فيه أم للوكيل
لم أجد فيه غير جلدٍ وعظمٍ . . . وذنيبٍ له دقيقٍ طويل
ما أراني أراه يصلح إذ أص . . . بح رسماً على رسوم الطّلول
لا لشيٍّ ولا لطبخ ولا بي . . . ع ولا برّ صاحب وخليل
أعجفٌ لو مطفّلٌ نال منه . . . لغدا تائباً عن التّطفيل
وقال شرف الدّين بن عين وقد أهدى له بعض أصدقائه خروفاً بعد ما مطله به :
أتاني خروفٌ ما تشكّكت أنّه . . . حليف جوىّ قد شفّه الهجر والمطل

الصفحة 77