كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 79 """"""
القسم الرابع من الفن الثالث في ذوات السموم
وفيه بابان
الباب الأوّل
من هذا القسم في ذوات السموم القواتل .
ويشتمل هذا الباب على ما قيل في
الحيّات والعقارب
ذكر ما قيل في الحيّات
الحيّات مختلفات الجهات جدّاً . وهي من الأمم التي يكثر اختلاف أجناسها في الصّور والشّيم ، والصّغر والعظم ، وفي التعرّض للناس وفي الهرب منهم . فمنها ما لا يؤذي إلا أن تطأها . ومنها ما يؤذي إذا وطئت في حماها . ومنها ما لا يؤذي في تلك الحال إلا أن تكون على بيضها أو فراخها . ومنها ما لا يؤذي إلاّ أن يكون الناس قد آذوها مرّة . فأمّا الأسود فإنه يحقد ويطالب ويكمن في المتاع حتى يدرك ؛ وله زمانٌ يقتل فيه كلّ شيء نهشه . وأما الأفعى فليس ذلك عندها ، ولكنها تظهر في الصيف مع أوائل الليل إذا سكن وهج الرّمل أو ظاهر الأرض ، فتأتي قارعة الطريق حتى تستدير كالرّحى وتشخص رأسها ؛ فمن وطئ عليها أو مسّها نهشته . وهي من الحيّات التي ترصد ؛ وهي تقتل في كل زمان وعلى كل حال . والشّجاع يواثب ويقوم على ذنبه . والحيّات أصنافٌ كثيرة سنذكر ما أمكن ذكره منها إن شاء الله .
والعرب تضر المثل في الظلم بالحيّة فيقولون : " أظلم من حيّةٍ " ، لأنها لا تتخذ لنفسها بيتاً ، وكل بيت قصدت نحوه هرب أهله منه وأخلوه لها .

الصفحة 79