كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
السماء فإذا نحن بحيّتين عظيمتين طائرتين في الهواء قاصدتين صوب البحر ، كلّ منهما في غلظ الثنيانة ، وإن إحداهما مستقيمة في طيرانها والأخرى تتعوّج من قبل رأسها ووسطها وذنبها ، وكانتا من الأرض بحيث لا يبلغهما السهم ، قال : فسطّرنا بذلك محضراً على عدّة نسخ .
وحكى بعض المؤرّخين : أنه وجد في خزائن المستنصر بالله العبيدي أحد خلفاء مصر بيضةٌ محلاّةٌ بالذّهب ظنّوا أنها بيضة نعامة ؛ فجعل الناس يتعجّبون من تحليتها بالذّهب ؛ فذكروا ذلك للمستكفي ، فقال : إنها بيضة حيّة كان بعض الملوك أهداها لجدّي القائم بأمر الله .
ومن كتاب نشوار المحاضرة قال حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الورّاق قال حدّثني عمي أبو الحسين : أن الحصينيّ حدّثه عن أبي العبّاس بن الفرات قال حدّثني أبي قال : قال لي جعفر الخيّاط : أمرني المأمون ونحن بالروم أن أقتصّ الطريق لئلا يكون به جواسيس للعدوّ ؛ فأخذت معي جماعةً من أصحابي فرساناً ورجّالةً وسلكت الطريق ، فعنّ لي شعب فقصدته لئلا يكون فيه كمينٌ من الجواسيس ، وتقدّمني الرّجّالة فرأيتهم قد وقفوا ؛ فأسرعت إليهم وسألتهم عن خبرهم ، فقالوا : انظر ؛ فنظرت فإذا رجلٌ من الرّجّالة قد قعد لقضاء حاجته ، ومشى أصحابه ، فقصدته حيّةٌ من وراء ظهره فابتلعته من رجليه إلى صدره وهو يستغيث ويصيح ، فلم يكن لنا فيه حيلةٌ وخفت أن آخر الرّجالة برمي الحيّة بالنّشّاب فيصيب الرجل فأكون أنا قتلته . فبسط الرجل يديه وانتهى بلع الحيّة إلى إبطيه ، فرأيتها وقد انضمّت على ما ابتلعته منه ضمّةً سمعنا تكسير عظامه في جوفها ، فمات وسقطت يداه فابتلعته حينئذ بأسره . فقلت : الآن أقصدوها بالنّشّاب ؛ فرشقناها جميعاً فأثبتناها في موضعها حتى قتلناها ؛ فأمرت بشق بطنها لأعاين جسم الرّجل ، فلم نجد في بطنها من جلد ولا عظمٍ ولا غيرهما إلا شيئاً كالخيط الأسود ، فإذا هي قد أحرقته في لحظةٍ واحدةٍ .
ويقال : إن بجزائر الصين حيّاتٍ تبتلع الإبل والبقر وشبهها . قال الجاحظ : حدّثني أبو جعفر المكفوف النحويّ العنبريّ وأخوه روح الكاتب

الصفحة 82