كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
كثيرة العدد . قال : والعقرب شرّ ما تكون إذا كانت حبلى ؛ ولها ثمان أرجلٍ لها أظلاٌ مثل أظلاف الثور ، وعيناها في ظهرها . ومن عجيب أمرها أنها لا تضرب الميت ولا المغشيّ عليه ولا النائم ، إلا أن يتحرّك شيء من بدنه ؛ فإنها عند ذلك تضربه ؛ وضربها له إنما هو من خوفها منه . وهي تأوي إلى الخنافس وتسالمها ، وتصادق من الحيّات كلّ أسودٍ سالخٍ . وبما لسعت الأفعى فتموت . وفيها ما يلسع بعضه بعضاً فيموت الملسوع . ويقال : إنها تستخرج من بيوتها بالجراد ؛ لأنها تحرص على أكله . ومتى أدخل الكّرّاث في جحرها وأخرج تبعته وما معها من نوعها . وهي إذ أخرجت من جحرها تضرب كلّ ما لقيته من حيوانٍ أو نباتٍ أو جمادٍ .
وقيل لبعض الأطبّاء : إنّ فلاناً يقول : إنما أن مثل العقرب أضرّ ولا أنفع ؛ فقال : ما أقلّ علمه بها إنها تنفع إذا شقّ بطنها ووضعت على مكان اللّسعة . وقد تجعل في جوف فخّارٍ مسدود الرأس مطيّن الجوانب ، ثم توضع الفخّارة في تنّورٍ ؛ فإذا صارت العقرب رماداً سقي من ذلك الرماد من به حصاةٌ نصف دانقٍ فتفتّتها من غير أن تضرّ شيئاً من الأعضاء . وقد تلسع من به حمّى عتيقةٌ فتقلع عنه . وقد تلسع المفلوج فيذهب عنه الفالج . وقد تلقى العقرب في الدّهن تترك فيه حتى يأخذ منها ويجتذب قواها ، فيكون ذلك الدّهن مصرّفاً للأورام الغليظة . وقال الشيخ الرئيس : زيت العقارب نافعٌ من أوجاع الأذن . فهذه منافعها .
وقال الجاحظ : ومن أعاجيب العقرب أنها لا تسبح ولا تتحرك إذا ألقيت في الماء ، كان الماء جارياً أو ساكناً . قال : وهي تطلب الإنسان وتقصده ؛ فإذا قصدها فرّت منه . وهي إذا ضربت الإنسان هربت هرب من قد أساء . قال : ومن أعاجيب ما في العقرب أنا وجدنا عقارب القاطول يموت بعضها من لسع بعضٍ ، ثم لا يموت عن لسعتها شيء غير العقارب ، ونجد العقرب تلسع إنساناً فيموت وتلسع آخر فتموت هي ؛ فدلّ ذلك على أنها كما تعطي تأخذ . ويقال : إن الذي تموت هي إذا لسعته تكون أمّه قد لسعت وهي حاملٌ به . قال : ومن أعاجيبها أنها تضرب الطّست والقمقم النّحاس فتخرقه ، وربما ضربته فثبتت إبرتها فيه . قال : والعقارب القاتلة تكون في موضعين : بشهر زور من

الصفحة 88