كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
وناط همّته بالشمس ، مع بعدها عن اللمس ؛ وأنف من ضيق الوجاء ، ففرّخ في الأشجار ؛ وسئم العيش المسخوط ، فاستبدل خوطاً بخوط ؛ فهو كالخطيب ، على الغصن الرّطيب .
وإنّ صواب الرّأي والحزم لامرئٍ . . . إذا بلغته الشمس أن يتحوّلا
وقال ذو الرّمّة :
كأنّ يدي حربائها متشمّساً . . . يدا مذنبٍ يستغفر الله تائب
وقال فيه أيضاً :
وقد جعل الحرباء يصفرّ لونه . . . وتخضرّ من لفح الهجير غباغبه
ويشبح بالكفّين شبحاً كأنه . . . أخو فجرةٍ عالي به الجذع صالبه
وقال فيه أيضاً :
يصلّي بها الحرباء للشمس ماثلاً . . . على الجذع إلاّ أنّه لا يكبّر
إذا حوّل الظّلّ العشيّ رأيته . . . حنيفاً وفي وقت الضّحى يتنصّر
ابن عرس وابن عرس من حيوان البيوت ، وهو حديد النفس شجيعٌ فطنٌ . وأكثر ما يكون بمصر في المنازل . وله صوت قويٌّ يدلّ على شجاعته . وقيل : إنّه الحيوان المسمّى بالدّلق ، وإنما يختلف وبره ولونه بحسب البلاد . وفي طبعه أنه يسرق ما يظفر به من الذّهب والفضّة ، وأنه متى وجد حبوباً متفرّقةً خلطها . وهو عدوّ الفأر يصيده ويقتله ، والفأر يخافه .
وقال الجاحظ : وابن عرسٍ يقاتل الحيّة ؛ وإذا قاتلها بدأ بأكل السّذاب ؛ لأنّ الحيّة تؤلمها رائحة السّذاب ؛ كما قدّمنا . وابن عرس يفعل في الطير ما يفعل الذئب في الغنم من الذّبح . وهو إذا عجز عن الوصول إليها استدار بعجزه وفسا إلى جهتها ، فربما قبل الفراريج رائحة فسائه . ومن ذكائه وفطنته ما حكي : أنّ رجلاً صاد فرخاً منها فجعله في قفص ؛ فرأته أمّه فذهبت وعادت بدينار في فمها فألقته بين يدي الرجل كأنها تريد فداء ولدها منه به ، فتركه ولم يتناوله ، فذهبت وأتت بدينارٍ آخر فلم يأخذه ، فلم تزل تذهب تعود في كل

الصفحة 96