كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 97 """"""
مرّة بدينار إلى خمسة دنانير وهو لا يمسك الذهب ، فذهبت وعادت بصرّ فارغةٍ ألقتها بين يديه كأنها تقول : إنه لم يبق شيء ؛ فلم يطلق ولدها ولا ضمّ الدنانير . فلمّا رأته على ذلك عمدت إلى دينار منها فأخذته وعادت به إلى جحرها ؛ فخشي أن تفعل ذلك ببقيّة الدنانير ، فأخذها وأطلق فرخها ؛ فأعادت إليه الدينار .
وقالت الحكماء : لحم ابن عرس نافع من الصّرع . والله أعلم .
القنافذ وواحدها قنفذٌ . وهي صنفان : قنفذٌ ودلدلٌ . فالقنفذ يكون بأرض مصر في قدر الفأر . والدلدل يكون بالشأم والعراق وخراسان في قدر الكلب القلطيّ . ويقال : إنه يسفد قائماً وبطن الأنثى لاصقٌ ببطن الذكر . والأنثى تبيض خمس بيضاتٍ ؛ وليس هو كالبيض الذي له قشر يابسٌ بل هو شبيه باللّحم . وتصرّف القنافذ بالليل أكثر من تصرّفها بالنهار . قال أيمن بن خريم :
كقنفد الرّمل لا تخفى مدارجه . . . حتى إذا نام عنه الناس لم ينم
والقنفذ يستأنس في البيوت ، ويختفي أياماً ثم يظهر . وهو إذا جاع صعد إلى الكروم وقطع العناقيد ورمى بها ثم ينزل فيأكل منها ما أطاق ؛ فإن كان له فراخ تمرّغ عل ما بقي فيشتبك في شوكه ، وذلك بعد تفريطه من عمشوشه ، ويذهب به إلى فراخه . وهو مولعٌ بأكل الأفاعي ، ولا يبالي قبض على رأسها أو غيره من بدنها ، فإنه إن قبض على رأسها أكلها بغير كلفة عليه ولا مشقّةٍ ؛ وإن قبض على وسطها أو ذنبها استدار وتجمّع ونفخ بدنه ، فمتى ضربته أصابها شوكه ، فهي تهرب منه ؛ وطلبه لها بقدر هربها منه .
والدّلدل إذا رأى ما يكرهه انقبض فيخرج منه شوك كالمداري في طول الشّبر ، فيجرح ما يصبه من الحيوان . ويقال : إنّ شوكه شعرٌ ، وإنما لمّا غلظ غلب عليه اليبس صار شوكاً .
وقال ابن سينا : في رماد القنفذ جلاءٌ وتحليلٌ . وملحه ينفع من داء الفيل . ولحمه ينفع من الجذام ؛ لشدّة تحليله وتجفيفه . ولحمه المملّح ينفع من الفالج والتّشنّج وأمراض العصب كلّها وداء الفيل ، وينفع من السّلّ ومن سوء المزاج . ومملوحه مع

الصفحة 97