كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 103 """"""
التين الأسود المتوسطُ بين السواد الشديد ، والأحمر ، وهو الذي ينفط الفم . وأخبرني من يرجع إلى قوله ويوثق بنقله من حكام المسلمين أن بثغر الإسكندرية صنفا من التين أسود يسمى الغُرابي ، إذا نضج يكتب بالبياض فربما وجد في بعضه مكتوبا أسم الله تعالى ، وأخبرني أيضا أنه رأى ذلك كثيرا ، وأخبرني أنه أخبر من ثقاتٍ أنه فيه ما يوجد مكتوباً عليه : " لا إله إلى الله محمد رسول الله " ، وسألته : هل يُتحيل على ذلك بشيء ؟ فقال : لا ، وأنه خلقةٌ من الله تعالى ، فسبحان القادر على كل شيء . وأما المختار من التين وما قيل في طبعه وخواصه : فقد قال الشيخ الرئيس : أجود التين الأبيض ثم الأحمر ثم الأسود ، والشديد النضج منه خيره ، وقريب من ألا يضر ، واليابس محمود في أفعاله ، إلا أن الدم المتولد منه غير جيدٍ إلا أن يكون مع الجوز فيجود كيموسه ، وبعد الجوز واللوز ، وأخف الجميع الأبيض . وطبعه : الرطب منه حار قليلا ، ورطبه كثير المائية ، قليل الدوائية ، والفج منه جلاء إلى البرد ما هو إلا لبنه ، واليابسُ منه حارٌّ في الأولى في آخرها لطيف . قال : واليابس منه قوي الجلاء ، منضجٌ محلل ، واللحيُم أكثر إنضاجاً ، وفيه تغريةٌ وتقطيعٌ وتلطيف . قال : والتين أغذى من سائر الفواكه ، وعصارة ورقه قوية التسخين والجلاء ، وفيه تليين نافع يدفع العفونات إلى الجلد . قال : وفي تناوله تسكين للحرارة ، ولبنه يجمد الذوائب من الدماء والألبان ، ويذيب الجامد ، والرطب منه سريع الغور والنفوذ في المعدة وفي البدن . قال : وشراب التين لطيفٌ رديء الخلط . قال : ولقضبان التين من اللطافة ما يهريء اللحم إذا طبخ بها ، وفي الجميز قوةٌ جاذيةٌ من عميق البدن وتحليلٌ لما جذب . قال : الفج منه يطلي به ، ويضمد به على الحيلان والثاليل وأصنافها والبهق ، وكذلك ورقه ، وتناوله يصلح اللون الفاسد ، وينضج الدماميل . قال : ولبنُ الجُميز عصارة ورقه يقلعان أثار الوشم وبقيروطي على شقاق البرد . قال : وتضمد به الأورام الصلبة ، والجميز مطبوخا مع دقيق الشعير ، والفج منه على البهق ، وينضج الدماميل ، ويجذب رطبه الحصف ، وطبيخه ينفع لأورام الحلق وأورام أصول