كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 107 """"""
وأما المُزّ الذي يعرف بالتوت الشامي فليكن أكثر كلاً منا فيه ، وطبعه الحلو حار رطب ، والحامض الشامي هو إلى البرد والرطوبة ، وفي التوت قبضٌ وتبريد ، وعصارته قابضة ، خصوصاً إذا طبخت في إناء نحاس ، ويمنع سيلان المواد إلى الأعضاء ، وخصوصاً الفج منه . قال : وإذا طبخ ورقه وورق الكرم وورق التين الأسود بماء المطر سود الشعر ، والحامضُ يحبس أورام الفم والحلق وورقه ينفع للذبحة والخوانق ، والحامضُ ينفع القروح الخبيثة مجففه وعصارته ، ورب الحامض نافع لبثور الفم ، والتمضمض بعصارة ورق الحامض جيد للسن الوجعة ، والتوت رديءٌ للمعدة يفسد فيها ، وخصوصاً الفرِصْاد ، وإذا لم يفسد الِفرْصادُ في المعدة بسرعةٍ لم يضر ، ويجب أن تؤكل جميع أصنافه قبل الطعام وعلى معدةٍ لا فساد فيها ، وأما الشامي فلا يضر معدةً صفراويةً ، وليس فيه من رداءة الموافقة للمعدة ما في الفرصاد ، وهو يشهي الطعام ويزلقه ، ويخرجه بسرعة ، والعفصُ المجفف المملح من التوت يحبس البول شديداً ، وينفع من الدُوِسنْطاريا ، ودمعةُ التوت تسهل ، وفي لحائه تنقيةٌ وإسهال ، وفي الحلو سرعةُ انحدار ، وفي جميع أصناف التوت إدرارٌ للبول ، وإذا شرب من عصارة ورقه أوقيةٌ ونصف نفع من لسع الرتَيْلاء ، ولين الطبيعة . وأما ما وصفه به الشعراء - فمن ذلك قولُ محمد بن شرف القيرواني :
انظر إلى تُوتِ الجنان الذي . . . وافى به الناطورُ في خامٍ
يحكى جراحاً دمها سائل . . . لدى جُسومٍ من بني حامِ
وقال بعض الأندلسيين وقد أهداه :
تفاءلتُ بالتوت التأني لزورةٍ . . . وذلك فألٌ ما علمتُ صدوقُ
فأهديته غضاً حكى حدق المها . . . له منظرٌ بالحسن منه يروقُ
فذا سيجٌ لما يرى باسوداده . . . وذا لاحمرار اللوِن منه عقيقُ