كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 131 """"""
بكاءً عليه .
ولولا كثرة الباكين حولي . . . على إخوانهم لقتلت نفسي ثم قام الخيري فقال : والذي أعطاه الفضل دوني ، ومد له بالبيعة يميني ، ما اجترأتُ قط إجلالا له ، واستحياء منه ، على أن أتنفس نهارا ، أو أساعد في لذة صديقاً أو جاراً ، فلذلك جعلت الليل سترا ، واتخذت جوانحه كنا . فلما استوت آراؤها قالت : إن لنا أصحاباً ، وأشكالا وأترابا ، لا نلتقي بها في زمن ، ولا نجاورها في وطن ، فهلم فلنكتب بذلك عقدا ينفذ على الأقاصي والأداني ، فكتبوا رقعة نسختها : هذا ما تخالف عليه أصنافُ الشجر ، وضُروبُ الزهر ، وسميها وشتويها ورَبِعيهُّا وقَيْظِيُّها ، حيث ما نجمت من تلعةٍ أو ربوة ، وتفتحت في قرارة أو حديقة ، عند ما راجعت من بصائرها ، وألهمت من رشادها ، واعترفت بما أسلفت من هفواتها ، وأعطت للورد قيادها . وملكته أمرها ، وعرفت أنه أميرها المقدمُ بخصاله فيها ، والمؤمرُ بسوابقه عليها ، واعتقدت له السمع والطاعة ، والتزمت له الرق والعبودية ، وبرئت من كل زهر نازعته نفسُه المباهاة له ، والانتراء عليه ، في كل وطن ، ومع كل زمان ، فأية زهرةٍ قص عليها لسانُ الأيام هذا الحِلف ، فلتتعرف إرشادها منه ، وقوام أمرها به ، والله أعلم . ومن رسالةٍ لبض فضلاء أصبهان ممن ذكرهم العِمادُ الأصبهاني في الخريدة وصف فيها الرياض والرياحين ، وفضل الورد على جميعها ، وهي رسالةٌ مطولةٌ في هذا النوع وغيره ، جاء منها : في يومٍ استعار نضارته من عصر الصبا ، واكتسى صحنه من عليل الصبا ، ونجمت فيه نجوم الربيع ، خاليةٌ من المقابلة والتربيع ، وتقابل إشراُق زهرِه ونهارِه ، فراق يجري جداوله وأنهاره ، وأقبل فيه جيشُه بفوارسهِ وجيادهِ ، وعساكرِه وأجنادِه ، بين رافع لواءٍ زبرجدي ،