كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
مضاهاة الثغور تفتخر ، فهل هي على الحقيقة إلا عظم نخر ؟ بل أنا نزهة الناظر ، وبغية الحاضر ، جسدي من قضبان الياقوت ، وفرعي من المسك المفتوت .
أفوق إذا مِستُ بين الريا . . . ض زهوا على مائسات القدودِ
وأفضل ولونا وحُسنا إذا . . . حضرتُ على حُسنِ لون الخدودِ
فمالت إليه الخُزامي وكادت تميل به جذابا والتزاما ، و قالت : " أسمع جعجعةٌ ولا أرى طحنا " وقعقعةٌ ولا انظر إلا شنا ، لقد ارتكبت جللا ، واستغزرت غللا ، ما أقبح عاقبة العجل ، وأقرب الواثق من الحجل حتام تُنِبض ولا ترمي ، وإلام توِمض ولا تهمي ؟ أبكمته لونك تفتخر ، وبعظم كونك تشمخر ، ألست الخشن الجلده ، الدموي البرده ، البعيد عن محل التقريب والشم ، الطريد عن رتبه التقبيل والضم ؟ لكن أنا الملبس المشار إليه ، والعطر المنصوص عليه ، مُدحتُ بالطيب واللون ، وتُحُيرتُ للتسربل والصون ، وجُمعت مني الحُلل ، وتُوجتْ مني الكلل .
فضلتُ على زهر الربيع برتبةٍ . . . بها صدق الراوون للشعر إذ قالوا
كأن الخُزامي جمعت لك حُلةً . . . عليك بها في الطيب واللون سربالُ
فأنهضت لمعارضتها البنفسج ، وألجم جواد مناضلتها وأسرج ، وقال : يا ساكنة الشهباء ، لقد جئت بالداهية الدهياء ، أضبح الثعالب ، وإرسال الأرانب ، وما يغني عنك وصف الشعراء ، وأنت منبوذةٌ بالعراء ، بَعْدتِ عن محاسن أخلاقِ البرية ،