كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 136 """"""
ومن إنشاء المولى الفاضل تاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني في شهور سنة ست وسبعمائة ، رسالةٌ ترجمها بأنوار السعد ، ونُوار المجد ، في المفاخرة بين النرجس ، قال : الحمد لله الذي أضحك ثغور الأزهار ، ببكاء عيون الأمطار ، وأنطق خطباء الأطيار ، على منابر الأشجار ، وعقد عليها من النوار إكليلا ، وأمر الغزالة أن تسل عليها عند بروزها من الإبريز سيفا صقيلاً ، حمى حدائقها بأحداق نرجِسها ، فنم لسانُ النسيم بطيب نفسها ، أبدع في تركيب حلها وعقدها ، فثغور الأقحوان تقبل خدود وردها ، خلخلت سُوقها فضلاتُ الجداول ، واطردت أنهارها كالأيم وقد حث بأطراف العوامل ، فحكت المبارد متونا ، والحيات بطونا ، أحمده على نعمه التي تأرج نشرها ، وبدا على جبين الدهر بِشرُها ، حمدا تخضل من ترادف سيبها أغصانهُ ، وتثمر بأنواع السعادة أفنانه ، وأصلى على سيدنا محمد الذي عطر الكون مسكي رسالته ، ووطد القواعد الشرعية مرهف بسالته ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما توجت الغمائم رءوس الربا ، وسحب ذيل الصبا على أزهار روضها مهب الصبا ، وبعد ، فإن أولى ما وقعت المفاخرةُ بين غصنين نشآ في جنه ، وبارقتين تألقتا في دُجُنه ، وزهرتين تفتحتا في كمامه ، وقطرتين صدرنا من غمامه ، ولما كان النرجس والورد قريعي هذه الصفات ، وقارعي هذه الصفاة ، تطاول كل منهما إلى أنه النديم ، والخل الذي لا يمله الحميم ، طالما عطر بنشره الأكوان ، وغازل بعيونه الغزلان ، وأنارت شموس سعودِه ، وقبلت حمرةُ خدودِه ، أحببتُ أن أقيمهما في موقف المناضلة ، وأشخصهما في معرض المفاضله ، ليبرهن كلٌ منهما على ما ادعى أنه في وطابه ، ويبدي شعائر ما تقلده وتحلى به ، فبالامتحان يظهر الزيف ، ولا يقبل الحيف ، فعندها حدق النرجس بأحداقه ، وقام على قصبة ساقه ، وتهيأ لمناضلة