كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 137 """"""
خصمه ، وشرع يبدي شرائع حكمه ، وقال : أشبهتُ العيون وأشبهت الخدود فلا فرق ، ولقد علمت ما بينهما مثل ما بين القدم والفرق ، فأنا حارس مجلس الشراب والنديم المعول عليه بين الأحباب ، تسميت بأحسن الأسامي ، فلست لي بمُسامي ، تسمت بي الحسان ، ومست في حُللٍ مصبغات الألوان ، ولو اعتبرت بحمرة خجلك ، وتشقيق جيوب حللك ، ما قمت في موقف المفاخر ، ولا فهت ببنت شفة في معرض المفاخر ، فتضرج خد الورد حمره ، وأوقد من الغيظ لمناضلته جمره ، وقال : مت بداء الحسد فقد علاك اصفراره ، وأين منك الطرف كما ادعيت ولم يبد عليك احوراره ، صدقت ، ولكن أنت أشبه بالعين المخصوصة باليرقان والصفرة المنوطة بالأيهقُان ، فلقد عشت عيونك السقيمة من أشعة شموسي ووقفت على قصب ساقك حيث استقر كرسي جلوسي ، فأنا دائرة الجمال ، المشتعلة على قطب الكمال ، ربتني الدراري بدرها ، وقلدتني تقيس درها ، فنشرت أعلامي العقيانية على زهرتها ، وأشبهت شكلها وحسن زهرتها ، فهز النرجس رماحه الزبرجديه ، فتلقاها الورد بحجفته الذهبيه ، وقال : اردد هذه العقود النفيسة إلى هواديها ، فقد علم كذبك حاضرها وباديها ، والطم خدودك حزنا على فوات مقامي وقصورك عن بلوغ مرامي ، من أين لك مداهن در حشوهن عسجد ، لست أبالي بنفسك تصوب أم تصعد ، أما تراني قد نشرت على رماحٍ من زبرجدٍ طالما حرست حمى الرياض ، ولبست أحسن اللباس وهو البياض ، وقمت خطيباُ على منبر الصين وقلدت إمرة الرياحين ؟ فأنا ناظر هذا الفضل ، وناظر هذا الفصل ، سبقتك إلى الوجود مكانا أعدم مكانك ، ولم يرض زماني يجاور زمانك ، لبثك على وجه البسيطة قليل ، وحالك - كما علمت - ليس بالجليل ، تتلون كما يتلون الغول ، من أحمرِك وأصفرِك وأبيضك المملول ، فلقد رماك ابن الرومي بسهام هجائه ،

الصفحة 137