كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 138 """"""
وجعلك عرضة لنوائب الدهر ولأوائه ، حيث قال :
كأنه سُرمُ بغلٍ حين يُخرِجه . . . إلى البراز وباقي الروث في وسطه
وحيث مدحني وقال :
أين العيونُ من الخدود نفاسةً . . . ورآسةً لولا القياسُ الفاسدُ
فمثل هذه المسبة لا يضمحل أثرهُا ، ولا ينقطع خبرهُا ، ولله در القائل :
النرجِس الغضُّ له رتبةٌ . . . أشبهُ شيء بالعيون المِراضْ
قام على قُضبانِه مبديا . . . فخاره المشهود بين الرياضْ ولو لم أغمض عن مساويك عيني ، وأترك للصلح موضعا بينك وبيني ، لكنت أبديتُ أضعاف مساويك ، لأنني في رتبة غير مُساويك ، فعندها اشتعل الورد من كلامه ، وظهر على جسده أثر كلامه ، وقال : لقد تعديت طورك وستعرف جورك وكورك ، لكن قحة العيون مخصوصةٌ بالأنذال ، والتجري على الملوك من شعائر الجهال ، فأنا سلطان الرياحين ، وبذلك وُقع لي في سائر الدوواين ، كأنني وجنةُ حب وقد نقطت بدينار ، أو أناملُ خود عندميةٍ ضُمت على قُراضِة نضار ، أشبهتُ الشموس شكلا ، وفقتُ البدور مثلا ، أُنظم كما تنظم العقود ، وأصِل كما يصل الحبيب بعد الصدود ، وأما افتخارك بالحراسة فهي محل الأسقاط ، والوظيفةُ المنوطة بالأنباط ، وأما كونك سبقتني فهو على حُكم الحجبه ، والمبشر بوصولي وإن كان أضمر بغضه لا حُبه ، فلما علم أوان حط رحالي حث رحاله ، وأشاع في أصحابه ارتحاله ، وقال : قد أظلنا وصول ملكٍ لا يجاري ، ورئيس لا يباري ، وأين زمانك من زماني ، ومكانك من مكاني ؟ لا أظهر إلا والثري قد اكتسي سندسي أديمه وفاح مسكي نسيمه ، وخطبت أطياره ، واخضلت أزهارهُ ، وصدحت بلابله ، وتأرجت

الصفحة 138