كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
وقال أيضا :
لبس الماءُ والهواءُ صفاءً . . . واكتسى الروضُ بهجةً وبهاءَ
فكأن النهاءَ صرن رياضا . . . وكأن الرياضَ عُدن نِهاءَ
وكأن الهواء صار رحيقا . . . وكأن الرحيقَ صار هواءَ
وتخال السماءَ بالليل أرضا . . . وترى الأرض بالنهار سماءَ
جللتها الأنوارُ زُهرا وصُفرا . . . يوم ظلت تُنادِم الأنواءَ
فترها ما بين نَوْرٍ ونَوْءٍ . . . تتكافا تبسما وبُكاءَ
وتظلُّ الأشجارُ تتخذ الحسن . . . قميصا أو الجمال رِداءَ
وترى السرو كالمنابر تُزهى . . . وترى الطير فوقها خطباءَ
وقال كُشاجِم :
أرتك يدُ الغيث آثارها . . . وأعلنت الأرضُ أسرارَها
وكانت أكنت لِكونها . . . خبيثا فأعطته آذارهاَ
فما تقع العينُ إلا على . . . رياضٍ تصنف أنوارهاَ
يفتح فيها نسيمُ الصبا . . . خِباها ويَهتِك أستارهاَ
ويسفح فيها دماء الشقيق ندى ظل يفتض أبكارهَا
ويدني إلى بعضها بعضها . . . كضم الأحبة زوارهَا
كأن تفتحها بالضحى . . . عذارى تحلل أزرارهَا
تغض لنرجسها أعينا . . . وطورا تحدق أبصارهَا
إذا مُزنةٌ سكبتْ ماءها . . . على بقعة أشعلتْ نارهَا

الصفحة 177