كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 200 """"""
البربر ، خصوصا بجبل درن ، وهو عَساليجُ عريضٌ كالألواح ، مثلُ عساليج الخس ، بيض ، لها شُعب ، وهي مملوءةٌ لبنا ، ولا ينبت حول شجره نباتٌ آخر . ومنه صنفٌ آخَرُ ينبت ببلاد السودان ، وشجرته شوكةٌ كثيرةُ الأغصان ، تنبسط على الأرض . ويقال إن ببلاد إفريقية شجرة صمغها الفَرْبَيُون ، وإن الصمغ يسيل منها فيجمد ، وبعضُ أهل البلد يشرط الشجرة ، ويعلق على موضع الشرط ما تسيل فيه تلك الرطوبة ، ولا يسمون الشجرة بأيديهم ، ولا تلك الرطوبة ، لأنها سم قاتل مُشيط ، يحرق كل ما لامسه أو باشره من أبدان الناس . وقال الشيخ الرئيس : إن قوة الفَرْبَيُون لتغير بعد ثلاثِ أو أربع سنين ، والعتيقُ منه يضرب إلى الشقرة والصفرة ، ولا يُداف في الزيت إلا بصعوبة ، والحديث خلاف ذلك . قال بعضهم : إنه إذا جعل في إناءٍ مع الباقلي المقشر انخفظت قوته . قال : وجيده الحديث الصافي الأصفر إلى الشقرة ، الحاد الرائحة ، الشديد الحرافة ، وغير هذا فهو مغشوشٌ بالعَنْزَرُوت والصمغ ، وهو جالٍ ، وله قوةٌ لطيفةٌ محرقةٌ جلاءه ، والحديث منه أشد إسخانا من الحِلتِيت ، على أنه لا صمغ كالحِلتِيت في إسخانه ، ويخلط ببعض الأشربة المعمولة بالأفاويه فينفع من عرق النسا ، ويمرخ فيه الفالجُ ، والخدر ينفع جدا ، وإذا اكتحل به كان جاليا ، ولكن يدوم لذعُه النهار كله ، فلذلك يخلط بالعسل . قال : وينفع من برد الكلى ، وينفع أصحاب القُولنج ، والشربةُ منه مع بعض البزور وماء العسل ثلاثةُ أو بُولُوسات . وقال بعضهم : إنه يضم فم الرحم ضما شديدا حتى يمنع الأدوية المسقطة أن تسقط الجنين ، ويسهل البلغم اللزج الناشب في الوركين والظهر والأمعاء فيما قالوا . قال ، وقال بعضهم : إن من نهشه شيءٌ من الهوام فشق جلد رأسه وما يليه حتى يظهر القحف ، ويجعل فيه من هذا الصمغ مسحوقا ، ثم يخطيه ، لم يصبه مكروه . قال : وثلاثة دراهم منه تقتل في ثلاثة أيام تقريحا للمعدة والمعي .

الصفحة 200