كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 49 """"""
قال الشيخ الرئيس : الهندبا منه بري ومنه بستاني ، وهو صنفان : عريض الورق ، ودقيقه ، وأنفعه للكبد أمره ، وقال في طبعه : إنه بارد في آخر الأولى و يابسه يابس في الأولى ، ورطبه رطب في آخر الأولى ، والبستاني أبرد وأرطب ، قال : وتشتد مرارته في الصيف فيميل إلى حراراة لا تؤثر ، والبريٌّ أقل رطوبة وهو الَّطْرخَشْقٌوق ، وقال في أفعاله وخواصه : انه يفتح سدٌدَ الأحشاء والعروق ، وفيه قبض صالح وليس بشديد ، وماؤه مع الإسْفِيدَاجِ والخل عجيب في تبريد ما يراد تبريده طلاءً ، قال : ويضمد به النقرس ، وينفع من الرمد الحار ، ولبن الهندبا البري يجلو بياض العين ، ويضمد به مع دقيق الشعير للخفقان ، ويقوي القلب ، وإذا حل خيار شنبر في مائه وتغرغِر به نفع من أورام الحلق ، وهو يسكن الغثى ، ويقوي المعدة وهو خير الأدوية لمعدةٍ بها مزاج حار ، والبري أجود للمعدة من البستاني ، وقيل : أنه موافق لمزاج الكبد كيف كان ، أما الحار فشديد الموافقة له ، وليس يضر البارد ضرر سائر أصناف البقول الباردة ، وإذا أكل مع الخل عقل البطن ، وهو نافع لحمى الربع والحميات الباردة ، وإذا جعل ضمادا مع أصوله للسع العقرب والهوام والزنابير والحية وسام أبرص نفع ، وكذلك مع السويق .
النعنع وما قيل فيه : فقال ابن وحشية : هو أحد منابت أنواع تحت جنس واحد يسمى الفودنج ، والفودنج خمسة ضروب : جبلي وصخري ، وبري ، ونهري ، وبستاني ، فالجبلي والصخري والبري واحد ، وأما النهري فالنمام ، والبستاني : النعنع ، وكلاهما نوع واحد ، وذلك ان النمام لما نقل من شطوط الأنهار إلى البساتين صار نعنْاع ، ونقص رِيحه ، وكبر ورقه وطال لكثرةِ رِيه وشربِه . وقال في توليده : وإن أردتم فودَنْجا بستانيا فخذوا رجلي دجاجةٍ وادهنوهما بعكر الزيت ، وادفنوهما في التراب ثلاثة أيام ، ثم أغرسوهما في الأرض واجعلوا الأصابع إلى فوق ، ثم اجعلوا فوقها عود سذابٍ عرضا ، ثم نقطوا عليه زيتاً ، ثم ألقوا عليه التراب ، واتركوه ثلاثا ، ثم صبوا عليه الزيتاً في اليوم الرابع مقدار ما