كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
مالم يعلمه البدوي ، وعرف الحبلٌّى مالم يعرفه النبطىّ ، وصنف فيه الحكماء الكتب المطوله ، وأظهروا من منافعه ومضاره كل فائدة خفية وخاصيةٍ مهمله ، وتعددت فيه تصانيفهم ، وتواردت واشتهرت تآليفهم ، ومع ذلك فما قدروا على حصرِه ، ولعلهم لم يقفوا إلا على جزءٍ يسيرٍ من شطرِه ، بل قصدنا بإيراده أن نذكر منه ما عليه وصف للشعراء ، ورسائل للبلغاء والفضلاء ، لأن ذلك مما لا يستغني عنه المحاضِر ، ويضطر إليه الجليس والمسامر ، وينتفع به الكاتب في كتابته ، ويتسع به على المنشئ مجال بلاغته ، فأوردنا منه ما هو بهذه السبيل ، استقصينا ما هو من هذا القبيل ، وإن كانا زدنا في بعضه على هذا الشرط ، وخرجنا من هذا الخط ، وتعدينا من وصفه إلى ذكر منافعه ومضاره ، وانتهينا إلى إيراد بارده وحاره ، ورطبِه ومعتدلِه ومحرقهِ وقابضه وملينه ومطلقه ، ونبهنا على توليده وأصلِه ، وخساستهِ وفضلهِ ، فهذه الزيادة إنما وردت على سبيل الاستطراد ، لا على حكم الالتزام والاستعداد ، وهي مما تزيد هذا الفن إلى حسنهِ حسنا ، وتبدو بها فضائله فرادى ومثنى ، ووصلنا فن النبات بالمصوغ والأمنان ، لأنهما من توابعه وفروعه ، وحلبنا ألبان التكملة له بهما من ضروعه ، وألحقنا ذلك بقسم يشتمل على أصناف الطيب والبخورات ، والغوالي والمستقطرات ، فختمنا الفن منه بمسك ، ونظمناه معه في سلك ، وحصرنا هذا الفن وما يتعلق به في خمسة أقسامٍ تندرج تحتها أبواب ، ولخصناه من أكرِم أصولٍ وأعرقِ أنسابٍ وأوثق أسباب .

الصفحة 5