كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)
"""""" صفحة رقم 50 """"""
تعلمون أن شيئا من الزيت قد وصل إليه ، فإنه يخرج بعد أحدٍ وعشرين يوما نعْنعاً ذكي الرائحة . وفيها الشيخ الرئيس في النمام : النمام ، وهو السِّيسَنْبَر ، وطبعه حار في الثالثة يابس إليها ، وهو يقاوم العفونات ، ويقتل القمل ، وينفع من الأورام الباردة ، وإذا طبخ بالخل وخلط بدهن الورد ولطخ به الرأس نفع من النسيان ومن اختلاط الذهن ، ويتضمد بورق البري منه على الجبهة للصداع ، وهو نافع للفواق إذا شرب بشراب ، وبزره أقوى ، وينفع من أورام الكبد الباردة ، ويخرج الجنين الميت ، والبري منه إذا شرب بشراب منع من تقطير البول ، وأخرج الحصاة وينفع من المغص ، ويضمد به لسع الزنانير ، ويشرب للسعها منه وزن درهمين في سِكَنْجِبين .
وقال في النعناع : هو حار يابس في الثانية ، وفيه رطوبة فضلية ، وقوة مسخنة قابضة ، وهو ألطف البقول المأكولةِ جوهرا ، وإذا تركت طاقات منه في اللبن لم يتجبن ، وإذا شربت عصارته بالخل قطعت سيلان الدم من الباطن ، وهو مع السوبق ضماد للدٌّبيلات ، وتضمد به الجبهة للصٌّداع ، وخصوصا مع سويق الشعير ، وتدلك به خشونة اللسان فتزول ، ويمنع قذف الدم ونزفه ، ويعقد اللبن في الثدي ضمادا ، ويسكن ورمه ، وهو يقوّي المعدة ويسخَّنها ، ويسكن الفواق ويهضم ، ويمنع القيء البلغميَّ والدّمويّ ، وينفع من اليرقان ، وخصوصا شرابه ، وهو يعين على الباه لنفخ فيه ، ويقتل الديدان ، وإذا احتمل قبل الجماع منع الحبل ، وهو نافع لعضة الكلب الكَلبِ .
قال أبو إسحاق الحضرمي في النَّمّام :
أرى النمام بالصوت الفصيح . . . ينادي الشرب حيَّ على الصَّبوحِ
بدا لك في مطارفه وأبدي . . . روائح تَستقلّ بكل ريحِ
فقمْ واعص النّصيحَ وكن مطيعا . . . لنا فالعيش عصيان النَّصيحِ