كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
مرة ثانية ، ولم يتفق مثل هذا في سنةٍ من السنين ، ولا سمع في تاريخٍ إلى وقتنا هذا . ولنصل ذكر النخل بما يشبهه ، وهو النارجيل والفُوفَلُ والكاذي والخزم .
النارجيل ويسمى الرانج وسماه ابن سينا الجوز الهندي ، وهو المشهور من أسمائه على ألسنة العوام - فهي نخلة طويلة تميل بمرتقيها حتى تدينه من الأرض للينها ، ولها أفناء ، يكون في القنو الكريم ثلاثون نارجيلة ، ولها لبن يسمى الأطواق ، يشرب ، حلو ، يسكر سكراً معتدلاً ، وأهل الهند يصنعون من النارجيل الرطب سكراً ، إلا أنه لاييبس ويكون كالرمل . وقال الشيخ أبو علي بن سينا فيه : جيده الطري الشديد البياض ، ويجب أن يؤخذ عنه قشر لبه . قال : وطبعه حار في أول الثانية ، يابس في الأولى ، وفيه رطوبة فضلية ، والرطب منه رطب في الأولى . وقال في أفعاله وخواصه : هو ثقيل ، غير رديء الغذاء ، وقشر لبه لا ينهضم . قال : ويجب ألا يتناول عليه الطعام إلا بعد ساعة ، ودهنه الطري أفضل كَيْمُوسا من السمن ، ولا يلزج المعدة ، ودهنه للبواسير ، وخصوصاً دهن العتيق منه ، لاسيما مع دهن المشمش مشروباً من كل واحدٍ مثقال . وقال كشاجم يصفه :
وذات قشرٍ أسودٍ حشوها . . . كافورةٌ موموقةُ المنظرِ
قد نشرت في رأسها وفرة . . . تسترها عن ناظر المبصرِ
كأنها جمجمة ألبست . . . ذوائبا من خالص العنبرِ
لٌفَوفَل - فقال أبو حنيفة : هي نخلة مثل نخلة النارجيل ، تحمل كبائس فيها الفوفل مثلا التمر ، فمنه أسود ، منه أحمر . وقال الشيخ الرئيس : قوة الفوفل قريبة من قوة الصندل ، وهو مبرد بقوة ، قابض ، وهو جيد للأورام الحارة الغليظة ، وموافق لمن به التهاب في عينه .

الصفحة 88