كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 11)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
العناب وما قيل فيه : فقال أبو بكر بن وحشية في توليده : وإن أردتم العناب الكبار فخذوا بطيخةً فقوروا رأسها من جهة الرأس ، واحشوا اليبروح فيها ، وأعيدوا القوارة في موضعها ، وصبوا اللبن الحامض بزبده عليها وازرعوها في الأرض ، وعمقوا لها الحفر قليلا ، واسقوها في أول زرعها ، فإنها تخرج شجرة تحمل عنابا كبارا كأمثال الإجاص اللطيف .
وقال الشيخ : أجود العناب أعظمه ، وطبعه بارد إلى الأولى معتدل في اليبوسة والرطوبة ، وهو إلى قليلِ الرطوبة ، وينفع حدة الدم الحار . قال : أظن ذلك لتغليظه الدم ، وتلزيجه إياه . قال : والذي يظن من أنه يصفي الدم ويغسله ظن لستُ أميل إليه ، وغذاؤه يسير ، وهضمه عسير . وقال : والقول الجيد فيه ما قاله جالينوس : " ما وجدت للعناب في حفظ الصحة ولا إزالة المرض أثرا ، لكن وجدته عسير الهضم ، قليل الغذاء " قال الشيخ : والعناب ينفع الصدر والرئة ، وهو رديء للمعدة . وقيل : إنه نافع لوجع الكلية والمثانة ، وقد وصفه الشعراء وشبهوه - فمن ذلك قول أبن قرطبية :
أما ترى شجر العناب موقرةً . . . بكل أحمر لماعٍ من الخرزِ
وقد تدلت به الأغصان مائلةً . . . مثل العثا كيل من صدرٍ إلى عجزِ
وقال أبو طالب المأمونيّ :
يروقني العنابُ . . . فبي إليه انصبابُ
إذ لاح منه أطرا . . . ف من أحب الرطابُ
يحكي فرائد درَّ . . . لها العقيقُ إهابُ
وقال ابن رافع :
أحب بعنابٍ بدا أنيقِ . . . كمثل لون وجنه المعشوقِ
أو خرزٍ لمُتْ من العقيقِ . . . أو كقلوب الطير في التحقيقِ
جاءت بها شغواء رأس نيقِ . . . كأنما اشتق من الشقيقِ

الصفحة 95