كتاب تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس)

الخامسة والعشرون: أنك لا تحقر عن التعليم من تظنه أبعد الناس عنه، ولا تستبعد فضل الله، فإن الرجلين من خدام الملوك الكفرة، بخلاف من يقول: ليس هذا بأهل للعلم بل تعليمه إضاعة للعلم.
وقال رحمه الله تعالى قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} 1 سبق ما في هذا من المسائل، لكن فيه ما لم يذكر:
منها أن المفتي يجوز له أو يستحب أن يفتي السائل بما لا يحتاج إليه.
ومنها أنه يجيب السائل بما يسوؤه إذا كانت الحال تقتضيه.
ومنها تأكيد الفتيا بما يسوء بما ذكر من قضاء الله على 2 ذلك. {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} 3 يعني قال يوسف للساقي الذي ظن نجاته، قيل: الظن هنا هو اليقين، وقوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أي الملك. {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ} يوسف ذكر الله; والبضع ما بين الثلاث إلى التسع. فيه مسائل:
الأولى: أن الرب كما يطلق على المالك يطلق على المخدوم.
الثانية: أن مثل هذا مما يعاقب به الأنبياء، مع كونه جائزا لغيرهم.
__________
1 سورة يوسف آية: 41.
2 في 516 - 86 " من قضاء الله عليك ذلك. 3 سورة يوسف آية: 42.

الصفحة 148