كتاب تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس)

يدي، وهذا معنى قول أبي العباس: الولاية لها ركنان: القوة، والأمانة في الآية الأخرى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} 1.
الرابعة: قوله: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} ، هذا فيه طلب الولاية كما قال عمر بن الخطاب لبعض الصحابة لما عرض عليه ولاية فأبى فقال: "طلبها من هو خير منك يعني يوسف 2 عليه السلام"، ولا يخالف هذا ما ورد من النهي عن طلب الإمارة لأن هذا في غير شدة الحاجة، كما أن خالدا لما أخذ الراية يوم مؤتة 3 من غير إمرة مدح على ذلك.
الخامسة: قوله: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فليس هذا مما نهي عنه من تزكية النفس، بل يذكر الإنسان ما فيه من الفضائل عند الحاجة إذا لم يقصد التزكية، كما ورد عن جماعة من الصحابة. قوله: {خَزَائِنِ الْأَرْضِ} أي: أرض مصر. وقوله: {إِنِّي حَفِيظٌ} أي: أحفظ ما وليتني عليه، {عَلِيمٌ} بأمره وحسابه واستخراجه.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ
__________
1 سورة القصص آية: 26.
2 الصحابي هو أبو هريرة رضي الله عنه, وقد دعاه عمر لولاية فأبى, فقال له عمر: لقد طلب العمل من كان خيرا منك. قال أبو هريرة: إنه يوسف نبي الله ابن بني الله, وأنا أبو هريرة ابن أميمة. راجع: الإصابة لابن حجر جـ 4 ص 210.
3 راجع سيرة ابن هشام ج3 ص 435.

الصفحة 156