كتاب تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس)

كنعان جئنا نمتار طعاما قال: كم أنتم؟ قالوا عشرة قال: أخبروني خبركم قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر، فذهب أخ لنا منا في البرية فهلك فيها، وكان أحب إلى أبينا منا. فقال: فإلى من يسكن أبوكم بعده؟ قالوا: أخ لنا أصغر منه، فلذلك قوله: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} يقال: جهزت القوم إذا هيأت لهم جهاز السفر. وحمل لكل رجل منهم بعيرا وقال: {أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} 1 المضيفين، قيل: إنه أحسن ضيافتهم، ثم أوعدهم على ترك الإتيان بالأخ فقال: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ} 2. وقوله {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 3. والرحل كل ما يعد للرحيل من وعاء المتاع، ومركب للبعير، وحلس وغير ذلك، قيل: مراده أنهم يعرفون كرمه فيحملهم على العود، وقيل خاف أن لا يكون عندهم ما يرجعون به.
فيه مسائل:
الأولى: كون القحط عم البلاد لم يكن على مصر خاصة.
الثانية: إنكارهم إياه ومعرفته لهم.
الثالثة: حيلته في التوصل إلى إتيان أخيه.
الرابعة: كونه ما فعل معهم حثهم على الإتيان به.
الخامسة: أن هذا ليس من تزكية النفس المذموم.
__________
1 سورة يوسف آية: 59.
2 سورة يوسف آية: 60.
3 قوله تعالى: (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) الآية 62.

الصفحة 159