كتاب تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس)

وقال الشيخ رحمه الله: ذكر بعض ما في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} 1 إلى الجزء، ففي الآية الأولى مسائل:
الأولى: معرفة أنه تعالى حكيم لا يضع الأشياء إلا في مواضعها، لأنه ما جعله إماما إلا بعد ما أتم ما ابتلاه به. وسئل بعضهم: أيما الابتلاء أو التمكين؟ فقال: الابتلاء ثم التمكين.
الثانية: إذا كان يبتلي الأنبياء هل يفعلونه أم لا؟ فكيف بغيرهم؟
الثالثة: الثناء على إبراهيم بأنه أتم الكلمات التي ابتلاه بها، وقيل: إن الله لم يبتل أحدا بهذا الدين فأتمه إلا إبراهيم، ولهذا قال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} 2.
الرابعة: أنه سبحانه جازاه على ذلك بأمور، منها: أنه جعله للناس إماما; ولما علم عليه السلام كبر هذه العطية سألها للذرية، وهي الخامسة.
السادسة: أن الله أجابه أن هذه المرتبة لا ينالها ظالم ولو من ذرية الأنبياء.
السابعة: أن هذا يدل على أن الإمامة في الدين تحصل لغير الظالم، فليست بمختصة.
الثامنة: معرفة قدر هذه المرتبة التي أكرم بها، وهي الإمامة في الدين.
وأما الآية الثانية 3 ففيها مسائل:
__________
1قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) .
2 سورة النجم آية: 37.
3قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) سورة البقرة آية: 125سورة البقرة آية: 125.

الصفحة 30