كتاب تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس)

خَلْقَ اللَّهِ} 1 الآية.
قال الضحاك 2: مفروضا معلوما، وحقيقة الفرض التقدير، والمعنى أن من اتبعه فهو نصيبه المفروض. فالناس قسمان: نصيب الشيطان ومفروضه، وحزب الله وأولياؤه.
قوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} يعني عن الحق، {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} قال ابن عباس: تسويف التوبة وتأخيرها، وقال الزجاج 3: أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون مع ذلك حظهم من الآخرة.
وقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} 4، البتك القطع، وهو ههنا قطع آذان البحيرة. وقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} ، قال ابن عباس: دين الله، وقاله ابن المسيب 5 والحسن وإبراهيم 6 وغيرهم، ومعنى ذلك أن الله فطر عباده على الفطرة وهي الإسلام كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} 7 الآية، وفي الصحيح: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه 8") الحديث، فجمع صلى الله
__________
1سورة النساء آية: 118-119.
2 هو الضحاك بن مزاحم البلخي الخراساني, كان مفسرا له كتاب في التفسير (ت 105هـ) , راجع مثلا: ميزان الاعتدال 1- 471.
3 هو إبراهيم بن السري عالم النحو واللغة البغدادي, ولد عام 241 وتوفي عام 311هـ.
4سورة النساء آية: 119.
5 هو أبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي القرشي, سيد التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة, كان راوية لفقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
6 هو إبراهيم بن يزيد بن قيس, أبو عمران النخعي, كان فقيها من أكابر التابعين, وفقيه أهل العراق في عصره (46-96هـ) .
7سورة الروم آية: 30.
8 رواه البخاري ومسلم والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن.

الصفحة 90