كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 5)
وأجيب:
قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين بعد نزول سورة المائدة، كما في حديث: بال جرير، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قال الأعمش: قال إبرهيم: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. وقد سبق تخريجه.
وأخرج مسلم: عن بريدة الأسلمي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، قال: عمداً صنعته يا عمر (¬١)، ونزول آية المائدة قبل الفتح.
ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك من حديث المغيرة في الصحيحين، وهي متأخرة، وسبق تخريجه.
ثم لو فرض أن المسح قبل نزول المائدة، فإن آية المائدة ليست معارضة للمسح على الخفين، حتى تكون ناسخة له، بل هي توجب غسل الرجلين إذا لم يكن هناك خفان.
قال الشوكاني في النيل: " واعلم أن في المقام مانعاً من دعوى النسخ لم ينتبه إليه أحد فيما علمت، وهو أن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالاتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتاً قبل نزولها فورودها بتقدير أحد الأمرين: أعني الغسل، مع عدم التعرض للآخر، وهو المسح لا يوجب نسخ
---------------
(¬١) مسلم (٢٧٧).
الصفحة 42
676