كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 5)

عَجُزِهِ، وَوَثَبَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى الرَّجُلِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَانْجَعَفَ عَنْ رَحْلِهِ، وَاجْتَلَدَ النَّاسُ فو الله مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ مِنْ هَزِيمَتِهِمْ حَتَّى وَجَدُوا الْأَسْرَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (34) ] . فَلَمَّا انْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ جُفَاةِ أَهْلِ مَكَّةَ، تَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنْهُمْ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الضِّغْنِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبُحُورِ، وَإِنَّ الْأَزْلَامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ.
وَزَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: سَارَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّ الْأَزْلَامَ الَّتِي يَسْتَقْسِمُ بِهَا لَفِي كِنَانَتِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَصَرَخَ كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَكَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ وَصَفْوَانُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ: أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ، فَقَالَ صَفْوَانُ اسْكُتْ فَضَّ الله فاك، فو الله لَأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ.
قَالَ حسّان:
رَأَيْتُ سَوَادًا مِنْ بَعِيدٍ فَرَاعَنِي ... إِذَا حَنْبَلٌ يَنْزُو عَلَى أُمِّ حَنْبَلِ [ (35) ]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي- وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ- الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا فَأَرَدْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَقْتُلَهُ فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي فَلَمْ أُطِقْ ذَلِكَ، فَعَرَفْتُ أنه ممنوع [ (36) ] .
__________
[ (34) ] ما بين الحاصرتين تكملة للخبر من سبل الهدى (5: 471) .
[ (35) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 58) .
[ (36) ] مغازي الواقدي (3: 910) .

الصفحة 128