كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 5)
تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم [ (20) ] ، فَمَرَّتِ الْكَتَائِبُ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا عَلَى أَبِي
__________
[ (20) ] هم عبد العزى ابن خطل- بفتح الخاء المعجمة، والطّاء المهملة، وآخره لام وكان قد أسلم، وسماه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عبد الله وهاجر إلى المدينة، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ساعيا، وبعث معه رجلا من خزاعة، وكان يصنع له طعامه ويخدمه فنزلا في، مجمع- والمجمع حيث تجتمع الأعراب يؤدون فيه الصدقة فأمره أن يصنع له طعاما، ونام نصف النهار، واستيقظ، والخزاعي نائم: ولم يصنع له شيئا، فعدى عليه فضربه، فقتله، وارتدّ عن الإسلام، وهرب إلى مكة، وكان يقول الشعر يهجو به رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان له قينتان، وكانتا فاسقتين، فيأمرهما ابن خطل أن يغنيا بهجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وعن [أنس] قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح على رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلّق بأستار الكعبة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقتلوه» رواه الإمام مالك والشّيخان.
قال محمد بن عمر: لمّا دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذي طوى، أقبل ابن خطل من أعلى مكة مدجّجا في الحديد على فرس وبيده قناة، فمرّ ببنات سعيد بن العاص فقال لهن: أما والله لا يدخلها محمد حتى ترين ضربا كأفواه المزاد، ثم خرج حتى انتهى إلى الخندمة، فرأى خيل الله، ورأى القتال فدخله رعب، حتّى ما يستمسك من الرّعدة، فرجع حتّى انتهى الى الكعبة، فنزل عن فرسه، وطرح سلاحه وأتى البيت فدخل تحت أستاره، فأخذ رجل من بني كعب سلاحه وأدرك فرسه عائرا فاستوى عليه، ولحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم بالحجون.
وعبد الله بن سعد بن أبي سرح- بفتح السّين، وإسكان الرّاء، وبالحاء المهملات- كان أسلم، ثمّ ارتد، فشفع فيه عثمان يوم الفتح، فحقن دمه، وأسلم بعد ذلك فقبل إسلامه، وحسن إسلامه بعد ذلك، وولّاه عمر بعض أعماله، ثمّ ولّاه عثمان، ومات وهو ساجد في صلاة الصّبح، أو بعد انقضائها، وكان أحد النّجباء الكرماء العقلاء من قريش، وكان فارس بني عامر بن لؤي المقدم فيهم، وسيأتي خبره مبسوطا في أبواب كتّابه- صلّى الله عليه وسلم.
وعكرمة بن أبي جهل، أسلم فقبل إسلامه.
والحويرث- بالتصغير- بن نقيدر بضم النون، وفتح القاف، وسكون التّحتية، فدال مهملة، فراء مهملة، كان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونخس بزينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما هاجرت إلى المدينة، فأهدر دمه، فبينما هو في منزله قد أغلق عليه بابه، فسأله عنه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-.
فقيل هو بالبادية، فأخبر الحويرث أنّه يطلب، فتنحى عليّ عن بابه، فخرج الحويرث يريد أن يهرب من بيت إلى آخر، فتلقّاه عليّ، فضرب عنقه.
قال ابن هشام: وكان العباس بن عبد المطلب حمل فاطمة، وأم كلثوم بنتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكّة يريد بهما المدينة، فنخس بهما الحويرث فرمى بهما الأرض.
الصفحة 42
507