كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 5)

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَهَا حِمَاسٌ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ [ (28) ] .
قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: لِمَ قَاتَلْتَ وَقَدْ نهيتك عَنِ الْقِتَالِ؟ فَقَالَ هُمْ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ، وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدِي مَا اسْتَطَعْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَضَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ.
قَالَ وَكَانَ دُخُولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَالْفَتْحُ فِي رَمَضَانَ سَنَةِ ثَمَانٍ.
وَيُقَالُ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ أُرَانِي فِي الْمَنَامِ وَأَرَاكَ دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْنَا كَلْبَةٌ تَهِرُّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهَا اسْتَلْقَتْ عَلَى ظَهْرِهَا فَإِذَا هِيَ تَشْخَبُ لَبَنًا، فَقَالَ: ذَهَبَ كَلْبُهُمْ، وَأَقْبَلَ دَرُّهُمْ، وَهُمْ سَائِلُوكُمْ بِأَرْحَامِكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَاقُونَ بَعْضَهُمْ، فَإِنْ لَقِيتُمْ أَبَا سُفْيَانَ فَلَا تَقْتُلُوهُ، فَلَقُوا أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمًا بِمَرٍّ،
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الشِّعْرَ فِي مَخْرَجِ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ:
عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَتِفَيْ كَدَاءُ [ (29) ]
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْفِيَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ [ (30) ]
__________
[ (28) ] حرج حماس منهزما حتى دخل بيته ثم قال لامرأته: أغلقي عليّ بابي، قالت: فأين ما كنت تقول؟ فقال:
إنّك لو شهدت يوم الخندمة* إِذْ فَرَّ صَفْوَانٌ وَفَرَّ عكرمة وأبو يزيد قائم كالمؤتمة* واستقبلتهم بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَةْ يَقْطَعْنَ كُلَّ ساعد وجمجمة* ضربا فلا يسمع إلّا غمغمة لهم نهيت خلفنا وهمهمة* لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّوْمِ أدنى كلمة
[ (29) ] النقع: الغبار، وكداء: الثنية العليا بمكة مما يلي المقابر، وورد البيت في سيرة ابن هشام هكذا:
عدمنا خيلنا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا* تُثِيرُ النّقع موعدها كداء
[ (30) ] المراد ان الخيل تجاري الأعنة، وذلك كناية عن لينها وسرعة انقيادها، وورد البيت في سيرة ابن هشام:
ينازعن الأعنة مصفيات ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ

الصفحة 48