كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 5)

وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مَنْ يُونُسُ بْنُ مَتَّى وَنَسَبَهُ إِلَى أُمِّهِ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عندر عَنْ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ (10) ] .
فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّفْضِيلِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَضِّلَ نَفْسَهُ عَلَى يونُسَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبَقَ وَذَهَبَ مُغَاضِبًا وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ يُصِيبُهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَيُصَحِّحُ قَوْلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِمْسَاكِ عَنِ الْكَلَامِ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ جُمْلَةً.
وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ [ (11) ] رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ عَنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ تَرْكُ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِزْرَاءِ بِبَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فَسَادِ الِاعْتِقَادِ فِيهِمْ وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ مِنْ حُقُوقِهِمْ، وَبِغَرَضِ الْإِيمَانِ بِهِمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْتَقِدَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ فَاضَلَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ، وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ [ (12) ] .
ثُمَّ تَكَلَّمَ [ (13) ] عَلَى
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ
وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يُونُسَ بْنِ مَتَى، فَقَالَ:
__________
[ (10) ] انظر الحاشية السابقة.
[ (11) ] في معالم السنن (4: 309) .
[ (12) ] البقرة (253) ] .
[ (13) ] اي الخطابي.

الصفحة 495