كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 5)

فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا [ (11) ]
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا [ (12) ]
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا ... وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَرْجُو أَحَدَا
فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا ... قَدْ جَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ مَرْصَدَا [ (13) ]
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا ... فَقَتَّلُونَا رُكَّعَا وَسُجَّدَا [ (14) ]
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ» .
فَمَا بَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ عَنَانَةٌ [ (15) ] فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالْجِهَازِ، وَكَتَمَهُمْ مَخْرَجَهُ، وَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُعْمِيَ عَلَى قُرَيْشٍ خَبَرَهُ حَتَّى يَبْغَتَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ [ (16) ] .
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَكُمْ يَشُدُّ الْعَقْدَ وَيَزِيدُ فِي الْمُدَّةِ» .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فِي نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ، حَتَّى قَدِمُوا
__________
[ (11) ] «قد تجردا» : تروى هذه الكلمة بالجيم وبالحاء المهملة، فأما من رواه بالجيم فمعناه شمر وتهيأ لحربهم، وأما من رواه بالحاء المهملة فمعناه غضب وثار، وسيم خسفا: معناه طلب منه وكلفه، والخسف- بفتح فسكون- الذل، وتربد: تغير.
[ (12) ] الفيلق: العسكر الكثير.
[ (13) ] كداء: موضع بمكة، «ورصدا» : يروى بضم الراء وتشديد الصاد مفتوحة فهو جمع راصد، مثل راكع وركع، والراصد: الذي يترصد للأمر ويطلبه، ويروى «رصدا» بفتح الراء والصاد جميعا.
[ (14) ] الوتير: اسم ماء، وهجد: جمع هاجد، ويطلق على النائم أو المستيقظ.
[ (15) ] (عنانة) : سحابة.
[ (16) ] الخبر في سيرة ابن هشام (4: 8- 9) .

الصفحة 7