كتاب سنن أبي داود - ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 5)

٥ - باب في عيادة الذمي
٣٠٩٥ - حدَثنا سليمانُ بن حرْبٍ، حدَّثنا حمادٌ -يعني ابن زيد- عن ثابتٍ عن أنسٍ: أن غلاماً من اليهود كان مَرِضَ، فأتاه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُه، فقَعَد عند رأسِه، فقال له: "أسْلِم" فنظر إلى أبيه وهو عند رأسِه فقال:
---------------
= ١/ ٣٤١، والخطب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (١٣٧٢)، والضياء
في "المختارة" (١٣٢٨) - (١٣٣٠) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وقصة إلباس النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قميصه لعبد الله بن أُبيّ ثابتة في حديث عبد الله بن عمر عند البخاري (١٢٦٩)، ومسلم (٢٤٠٠). وحديث جابر بن عبد الله عند البخاري (١٢٧٠)، ومسلم (٢٧٧٣).
قال الخطابي: كان أبو سعيد بن الأعرابي يتأول ما كان من تكفين النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عبد الله ابن أبيٍّ بقميصه على وجهين.
أحدهما: أن يكون أراد به تألُفَ ابنه وإكرامَه فقد كان مسلماً بريئا من النفاق. والوجه الآخر: أن عبد الله بن أبيّ كان قد كسا العباسَ بنَ عبد المطلب قميصاً، فأراد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يد لم يجازه عليها. وحدثنا بهذه القصة ابنُ الأعرابي، حدَّثنا سعدان بن نصر، حدَّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو ابن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول: كان العباسُ بن عبد المطلب بالمدينة، فطلبت الأنصارُ له ثوباً يكسونه، فلم يجدوا قميصاً يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أُبيّ، فكسوه إياه. وكان أيضاً حدَّثنا بالحديث الأول الذي رواه أبو داود زادنا فيه شيئاً لم يذكره أبو داود.
قلت (القائل الخطابي): عبدُ الله بن أبيّ منافق ظاهر النفاق، أنزل الله تعالى في كفره ونفاقه آيات من القرآن تتلى، فاحتمل أن يكون -صلَّى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك قبل أن ينزلَ قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤]، وأحتمل أن يكون معناه ما ذهب إليه ابن الأعرابي من التأويل -والله أعلم-. وفي الحديث دليل على جواز التكفين بالقميص، وفيه دليل على جواز إخراج الميت من القبر بعد الدفن لعلة أو سبب.

الصفحة 13