كتاب سنن أبي داود - ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 5)

عن أُم سلمة، قالت: دخلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على أبي سلمةَ وقد شقَّ بصرُه فأغمضَه، فصَيَّحَ ناسٌ من أهله، فقال: "لا تَدْعُوا على أنفسِكم إلا بخيرٍ، فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون" ثم قال: "اللهم اغفرْ لأبي سَلمةَ، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفْه في عَقِبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا ربَّ العالمين، اللهم افْسَحْ له في قبرِه، ونَوِّرْ له فيه" (¬١).
قال أبو داود: وتغميضُ الميِّت بعد خُروج الروح، سمعت محمدَ بن محمد بن النعمانِ المُقرئ، قال: سمعت أبا ميسرةَ -رجلاً عابداً- يقول: غَمَّضْتُ جعفراً المعلِّم، وكان رجلاً عابداً، في حالة
---------------
(¬١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الملك بن حبيب -وهو المصيصي البزاز- فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وأخرجه مسلم (٩٢٠)، وابن ماجه (١٤٥٤) من طريق معاوية بن عمرو، والنسائي في "الكبرى" (٨٢٢٧) من طريق سليمان بن صالح أبي صالح المروزي سلمويه، كلاهما عن أبي إسحاق الفزاري، ومسلم (٩٢٠) من طريق عُبيد الله بن الحَسن، كلاهما (الفزاري وعُبيد الله بن الحسن) عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بقصة الإغماض، وفيها زيادة: "إن الروح إذا قُبض تبعه البصر"، وهذه الزيادة عند مسلم.
وهو في "مسند أحمد" (٢٦٥٤٣)، و"صحيح ابن حبان (٧٠٤١).
وقوله: شق بصره، قال النووي: هو بفتح الشين ورفع "بصره" وهو فاعل "شق"، أي: بقي بصره مفتوحاً، هكذا ضبطناه وهو المشهور، وضبطه بعضهم: بصرَه بالنصب وهو صحيح أيضاً.
واخلفه: من خلف يخلف: إذا قام غيره بعده في رعاية أمره وحفظ مصالحه، أي: كن خلفاً أو خليفة في من يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره.

الصفحة 37