كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 5)

قَضَى فِي وَلَدِ المَغْرور بغُرَّة
؛ هو الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ امرأَة عَلَى أَنها حُرَّةٌ فَتَظْهَرُ مَمْلُوكَةً فيَغْرَم الزوجُ لِمَوْلَى الأَمة غُرَّةً، عَبْدًا أَوْ أَمة، وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ غَرَّه وَيَكُونُ ولدُه حُرًّا. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الغُرَّة عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْفَسُ شَيْءٍ يُمْلك وأَفْضلُه، وَالْفَرَسُ غُرَّةُ مَالِ الرَّجُلِ، وَالْعَبْدُ غرَّةُ مَالِهِ، وَالْبَعِيرُ النَّجِيبُ غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة الفارِهَةُ مِنْ غُرَّة الْمَالِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَهُ: إِني كُنْتُ بَيْنَ جَارِيَتَيْنِ لِي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِيناً مَيِّتًا وَمَاتَتْ، فقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بديَةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وجَعَلَ فِي الجَنِين غُرَّةً عَبْدًا أَو أَمة.
وأَصل الغُرَّة الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وكأَنه عُبّر عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ بالغُرَّة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ يَقْصِدِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي جَعْلِهِ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً إِلا جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ أَجناس الْحَيَوَانِ بِعينه فَقَالَ: عَبْدًا أَو أَمة. وغُرَّةُ الْمَالِ: أَفضله. وغُرَّةُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ فِي تَفْسِيرِ الغُرّة الْجَنِينُ، قَالَ: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بَيْضَاءُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا تَكُونُ إِلا بيضَ الرَّقِيقِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا يُقْبَل فِي الدِّيَةِ عبدٌ أَسود وَلَا جاريةٌ سَوْدَاءُ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا الغُرَّة عِنْدَهُمْ مَا بَلَغَ ثمنُها عُشْر الدِّيَةِ مِنَ الْعَبِيدِ والإِماء. التَّهْذِيبُ وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْغُرَّةَ مِنَ الْعَبِيدِ الَّذِي يَكُونُ ثمنُه عُشْرَ الدِّيَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الغُرّة فِي الْجَنِينِ إِذا سَقَطَ مَيِّتًا، فإِن سَقَطَ حِيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ:
بغُرّة عَبْدٍ أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ
، وَقِيلَ: إِن الْفَرَسَ والبَغْل غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي. وَفِي حَدِيثِ
ذِي الجَوْشَن: مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه الْيَوْمَ بغٌرّة
؛ سُمِّيَ الْفَرَسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُرّة؛ وأَكثرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ والأَمة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالغُرّة النِّفِيسَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِيّاكم ومُشارّةَ النَّاسِ فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ العُرّةَ
؛ الغُرّة هَاهُنَا: الحَسَنُ والعملُ الصَّالِحُ، شَبَّهَهُ بغُرّة الْفَرَسِ. وكلُّ شَيْءٍ تُرْفَع قيمتُه، فَهُوَ غُرّة. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
عَليْكُم بالأَبْكارِ فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً
، يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنَ غُرَّة الْبَيَاضِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ حُسْنِ الخلُق والعِشْرةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقاً
، أَي إِنهن أَبْعَدُ مِنْ فطْنةِ الشَّرِّ ومعرفتِه مِنَ الغِرّة الغفْلة. وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ فِي ثَوْبٍ أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قَالَ:
قَدْ رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه ... ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بَعْدَ غَرّه
وَجَمْعُهُ غُرور؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
حَتَّى إِذَا مَا طَار منْ خَبِيرِها، ... عَنْ جُدَدٍ صُفْرٍ، وَعَنْ غُرورِها
الْوَاحِدُ غَرٌّ، بِالْفَتْحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَوَيْت الثوبَ عَلَى غَرِّه أَي عَلَى كَسْرِه الأَول. قَالَ الأَصمعي: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه عُرِضَ عَلَيْهِ ثوبٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وقَلَّبَه ثُمَّ قَالَ: اطْوِه عَلَى [غَرِّه. والغُرورُ فِي الْفَخْذَيْنِ: كالأَخادِيد بَيْنَ الْخَصَائِلِ. وغُرورُ الْقَدَمِ: خُطُوطُ مَا تَثَنَّى مِنْهَا. وغَرُّ الظَّهْرِ: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قَالَ:
كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه، إِذ تَجْنُبُهْ، ... سَيْرُ صَناعٍ فِي خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ
قَالَ اللَّيْثُ: الغَرُّ الكَسْرُ فِي الْجِلْدِ مِنَ السِّمَن،

الصفحة 19