كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

وكفى بربك وكيلاً}؛ أي: لم أعطك عليهم من السلطان ما يدخل عليهم في قلوبهم، فتفسد عليهم توحيدهم، وإنما سلطانه في الصدر؛ لأن الصدر بيت القلب، والنفس معدن الشهوات.
ألا ترى إلى قوله عز وجل: {يوسوس في صدور الناس}، والشيطان يزين، ويشهي، ويمني، ويحدث في هذا الصدر بهذه الشهوات التي في النفس حتى يضله ويفتنه، فأما القلب، ففيه نور الله، وقد استقر فيه توحيده، وهو الإيمان به، فليس للكفر فيه شهوة، فيدخل الشيطان هناك بظلمته، فيزين له الشرك حتى يفسد توحيده، ولا له إليه سبيل، إنما سبيله فتنة الصدر لهذه الشهوات.
ألا ترى إلى قوله تعالى: {وكفى بربك وكيلاً}؛ أي: مانعاً شيطانه من أن يدخل قلبه، والقلب إذا جعل الله فيه نوراً، وأحياه، فقد توكل له بالعصمة، والحفظ، والستر، والتأييد، فهو يكلؤه ويرعاه، والشيطان أخسأ، وأذل، وأقل من يقدر إليه لحاظاً، إنما حديثه على أذن القلب في صدره.
فأما قلبه، فقد كفاه الله وكيلاً له، وقال: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم}؛ أي: وصل نوره إلى حبة قلوبكم، وحبة القلب هو بضعة اللحم الباطنة، وهذه البضعة الظاهرة يقال لها: فؤاد، وفيها العينان

الصفحة 119