كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

والأذنان، وباب القلب، والبضعة التي في جوفها هو القلب، يقلبها من لم يكلها إلى أحد، ولم يطلع عليها أحد من خلقه، فنزع شهوة الكفر والفسوق والعصيان من ذلك القلب حين أوصل إلى حبة قلبه الإيمان، فليس يعصي مؤمن يريد بذلك أن يعصي الله أو يفسق، إنما يريد قضاء نهمته، والكافر عدو لله، يعصي، ويريد معصية الله، والفسق هو الذهاب بالرقبة، والخروج من أمره، والرد عليه والجحود، فحبب الإيمان، وزينه، وكره الكفر والفسوق والعصيان.
فليس يجد المؤمن في نفسه شهوة الكفر؛ لأنه نزعها بإيصال الإيمان إلى حبة قلبه، وهو النور حتى أمن، ثم بقي شهوة الأشياء في قلبه، ثم حرم وأحل، ليبلوه، وقال له: جاهد نفسك في هذه الشهوات الباقية، فقد كفيتك الشهوة العظمى التي تدمر وتهلك، وهذه الشهوات الباقية لي أن أحرم وأحل، ولن أجوز أن أحل تلك الشهوة العظمى، وهي الشرك، فما لم أجوزه أن أحله، فقد كفيتك مؤنته؛ بأن نزعت عنك شهوته، وكرهته إليك، وما جاز أن أحله وأحرمه، فقد أمرتك بمجاهدة نفسك؛ لتحل حلالي، وتحرم حرامي، وتجتنبه، فالمؤمن قد جلاه الله بالإيمان، وطهره، وطيبه وزين قلبه، فإذا وسوس في صدره، أنكر القلب بما فيه من النور، فإنكاره محض الإيمان، وإنما صار محضاً؛ لأنه اهتاج واستنار، ومثل ذلك مثل

الصفحة 120