كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

جمرة قد علاها الرماد بخمودها، فلا يكاد يضيء مما علاها، فوصلت إليها نفخة، فطار عنها رمادها، فتوقدت، وتلظت، واستضاء البيت بتوقدها، فازدادت تلك الجمرة، فصارت محضة بما طار عنها [من] الرماد.
فكذلك القلب فيه الإيمان، فقد أسقم، وعلاه رماد حريق الشهوات، من أجل ذلك يضعف، حتى آثر شهواته على أمر الله، وآثر رضا نفسه على رضا ربه، فلما جاءه الوسواس بحديثه وكيده، يريد به نقض توحيده، كان ذلك كمن ينفخ في تلك الجمرة؛ لتتقد، ويطير عنها الغبار، وتلك النفخة هو أمن من الله، حتى يلطف لعبده من لطفه؛ ليفي له بما توكل له من قوله: {وكفى بربك وكيلا}.
ولذلك قال عبد الله حيث سئل عن الوسوسة، قال: ذلك برزخ الإيمان، والبرزخ ما بين الشيئين، فلما صار إيمانه ذا غبار، رحم الله عبده، ولطف به في تسليط الوسواس عليه، ثم لطف به من حيث خفي على العباد بالعصمة، فمنع كيده من أن يفسد عليه توحيده، واهتاج الإيمان منكراً لما جاء به، ونافراً عنه، فطار عنه رماد الشهوات، وغبارها، ودخانها، واستوقدت جمرة الإيمان، فأضاءت الصدر، فلذلك صار محض الإيمان؛ لأنه في

الصفحة 121