كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

والزهرة، وهن اللاتي ذكرن في التنزيل في قوله: {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس} ينخنسن في ضوء النهار، ويظهرن في سواد الليل، ويكنسن؛ أي: يغبن في مغاربهن، ولذلك سمين نجوماً، لأنها تنجم؛ أي: تطلع من مطالعها في أفلاكها، كالشمس والقمر، وسائرها كواكب، قال الله تعالى: {إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت}؛ أي: تناثرت، وذهب ضوءها، وقال: {جعل لكم النجوم لتهتدوا بها}، فالاهتداء بالنجوم، وجعل الكواكب زينة، وقال: {إنا زينا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب}، وقال: {ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين}.
فالكواكب معلقات من السماء كالقناديل، والنجوم لها مطالع ومغارب، تنجم وتغرب، فهي أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت، أتى السماء ما توعد؛ لأنه قد ذكر في تنزيله فقال: {وإذا النجوم انكدرت}، {وإذا السماء كشطت}؛ أي: نزعت، فقد ذهبت مقاومهم ومصافهم.
وعلى هذا تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصحابي مثل النجوم، بأيها اقتديت اهتديت)).
فليس كل من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه، أو رآه رؤية واحدة يدخل في الصحبة، إنما أصحابه من لازمه غدوة وعشية، وعرف بصحبته، فكان يتلقى الوحي منه طرياً، ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهجاً للأمة،

الصفحة 128