كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
والبيت من تبوئة الذكر، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ليبوئ ذكره في الأرض، فطرد من حرمه، ولم يؤووه، فجعل الله له مهاجراً ومستقراً، فمن هاجر إليه، فأووا إليه، ولزموه، فصاروا أهل الذكر، فهم أهل بيته، ومن أوى إليه، ولم يصر من أهل الذكر، فهم ليسوا من أهل البيت، وهم من أصحابه وتباعه، وإنما يكون من أهل التبوئة؛ من بوأ لذكره على طريقه.
قال له قائل: وكيف ذلك.
قال: إن الذكر قد اشترك فيه الجميع، حتى المنافق، قال الله تعالى: {ولا يذكرون الله إلا قليلاً}.
وقال الحسن البصري: إنما قل؛ لأنه كان لغير الله، فذاك وإن كثر منه، فهو قليل، فكذلك من المخلط، وإن كثر، فهو ضعيف سقيم، وكل إنما يصفو ذكره على قدر صفاء خلقه، وطهارة قلبه، والذكر المغشوش من الإيمان المغشوش.
قال له قائل: وكيف يكون الإيمان مغشوشاً؟ قال: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان: ((قل: اللهم إني أسألك صحةً في إيمانٍ))، فهل يسأله الصحة إلا من السقم؟ فسقم الإيمان أن يمازجه الهوى، وهو شهوة النفس حتى يميل به عن الله، وينقله عن أمره، ويشغله عنه، ويلهيه