كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
قال: وكيف لا يكون، وإنما هو قلب واحد؟ فإذا شغل بشيء، ذهل عما سواه.
هذا موجود في المخلوقين: لو أن رجلاً دخل على بعض ملوك الدنيا وسلاطينها، لأخذه من هيبته ما لا يذكر في ذلك الوقت غيره، ولو سئل: من كان معه في المجلس؟ فقال: لا أدري، لعذر في ذلك، هذا في سلطانٍ كائن موجود، فكيف بمالك الملوك إذا انكشف لك الغطاء عن جلاله، وحل بقلبك هيبته، وعمل في صدرك سلطانه، وطالع قلبك كبرياءه وعظمته، لو كان فيك عقل مئة، ثم شغل عن ذلك كله به حتى لها عن سواه، ما كان بمستنكر، فكلما كان عقله أوفر، كان الاشتغال به أشد وأكثر، فهذا هو الذكر الصافي.
يحقق ما قلنا: حديث عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله -تبارك وتعالى-: من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)).
هذا فيمن شغله ذكر الخالق، فكيف بمن شغله الخالق بأنسه؟!