كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

هذا فيمن شغله الخالق بأنسه، فكيف بمن شغله الخالق بجلاله وجماله؟!
هذا فيمن شغله الخالق بجلاله وجماله، فكيف بمن شغله الخالق في فردانيته بنفسه في وحدانيته؟!
ولهذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيروا، سبق المفردون))، قالوا: يا رسول الله! ومن المفردون؟ قال: ((الذين أهتروا في ذكر الله، يأتون يوم القيامة خفافاً، يضع الذكر عنهم أثقالهم)).
فالمهتر: الذي إذا نطق عن ربه، يشبه كلامه كلام من لم يستعمله عقله؛ لأن العقل يخرج الكلام على اللسان بتدبير وتؤدة وتأن، وهذا المهتر إنما ينطقه ربه، فكأنه الماء على لسانه يجري، حتى يشبه الهذيان في بعض أحواله عند العامة، وهو في الباطن مع الله من أصفى الناطقين، وأطهرهم، وأصدقهم، ومن ذلك قيل: التهاتر: إذا قال قولاً بالعجلة بلا نظام يشبه الجزاف.
والمهتر في اللغة: الشيخ الكبير الذي قد أفسد عقله، فهو يهتر في الكلام كالخرف، فهذا قد أفسد عقله الكبر الذي حل به، فلا يعمل عقله ذلك العمل، فالذي خمد عقله الكبر لا يستوجب العصمة، والحفظ، والتأييد،

الصفحة 137