كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

فالأكل وحده في صورة أهل البخل والدناءة، فإذا أنفق على الجماعة، ولم يقم لذلك، وعجز عنه، فالسبيل في ذلك ما ندبهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمعوا نفقاتهم إلى أحدهم حتى ينفقها عليهم، فيكون أطيب لنفوسهم، وأحسن لأخلاقهم، فكل أحد إنما أخرج من يده مقدار كفايته لم يرد على ذلك، وهو طيب النفس بذلك، ولا يحتشم من الأكل؛ لأنه إنما هو من عند نفسه أكل منه، ولو أنفق واحد واحد، لاحتشم أحدهم من صاحبه، واستحيا، وثقل عليه، حتى تجيء نوبته، وربما ذهبت النوبة، وانقطع السفر، فيبقى ما دل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسكين للنفوس من الوجهين جميعاً: من وجه الحشمة، ومن وجه التثاقل.
فالنفوس ساكنة، والأيدي مجتمعة، والألفة باقية، والبركة نازلة، وخلق الإسلام باقٍ قائم، وإنما سمي بهذا؛ لنهود النفوس إليها، وينهد؛ أي: يتسارع، ويخف إلى هذا الفعل، وإنما بعث الله الرسل؛ ليدلوا الخلق إلى

الصفحة 159