كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
فإنما كف الناس من بعد مضي السلف من أجل تغير القلوب، فلم يأمن بعضهم بعضاً؛ لفقد الرحمة والعطف، وذهاب الألفة، وظهور الحسد، والآفات، فامتنعوا عن أن يتناول أحد شيئًا من صاحبه إلا بإذنه، ومن بعد الإذن أيضاً تأن ونظر، واحتياط وحذر، ولم يبق لأحد على أحد أمنٌ، ولا به ثقة في زماننا هذا، وما أعلمه إلا لأولئك الأربعين الذين بهم تقوم الأرض، وهم البدلاء العارفون المبرؤون من الآفات، الذين دقت الدنيا في جنب الآخرة في أعينهم، فدقت الآخرة في جنب ملك الله، وعظيم ما أبرز من غيبه، ودق ما أبرز من ملكه في جنب عظمته وجلاله، فهم الذين لا قسمة بينهم، ولا وزن، ولا عدد، يتناول أحدهم من ملك أخيه ما شاء من غير إذن؛ لأن إذنه قد ظهر منه له مرة، وإنما ابتغى الإذن من أجل طيب النفس، فإذا كانت منية نفسه بتناول أخيه من ماله، فالإذن قد عم وظهر.
1151 - وحدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن