كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
بالسيوف حتى فتحوا وغنموا، ثم أعطى الغنيمة المهاجرين دونهم، فأثنى الله عليهم، وشهد لهم بالصدق، وسقوط قدر الشيء عن قلوبهم، فقال: {يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا}؛ يعني: المهاجرين، ثم قال: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}.
وهذا غاية الطهارة من قدر الشيء، وسقوطه من القلب، فيظن بمثل هذا، ومن هذه صفته أن يتناول من شيئه على طريق الترفق، والمخالطة أن يكون ذلك مكروهاً، وهذا ما أجرأ عبد الرحمن بن عوف، حتى أكل من مزود عمر بن الخطاب بغير إذنه.
وقول الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {أو صديقكم} إذنٌ بالغ، ولكن الصديق له حقيقة، فما لم تعرف له حقيقة صداقته لم يغرر المتقي المتورع بنفسه في ذلك، وأول حقيقة الصداقة في سقوط قدر الشيء من قلبه، فإذا لم يعرفه بهذا، فهو -وإن صادقه بكل قلبه- فهو مجتهد في صداقته، ومن يجتهد في صداقته، فلا يخلو من كراهة وثقل إن تناولت من ملكه شيئاً؛ لأنه في جهد من ذلك، وإنما صار في جهد؛ لأن نفسه لا تطاوعه؛ لقدر