كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
فإن الله -تبارك اسمه- أعطاهم العقول، ومن عليهم بالإيمان، فالصبر والعفة والغنى إنما يخرج كله من الإيمان، فإذا أعطي الإيمان، فقد أعطي هذا كله.
فبقوة الإيمان يصبر على طاعة الله، ويستعف عن محارم الله، وعن تناول شبهات الدنيا، ويقوم في العبودة على سبيل الاستقامة، ثم لا يتم له ذلك إلا بعون من الله؛ لأن النفس تقوم بهدم ذلك كله، وتدعو إلى خلافه، فوقع العبد في مجاهدة معها، فلولا عون الله للعبد، لمالت به النفس، ولكن سبيل العبد أن لا يتخير، فإذا جاءه موضع الصبر، فصبر، وعزم عليه، فوشيكاً يجيئه العون من الله، فوجد اليسر في أمره، فذاك عون الله، ومن قبل ذلك كان عليه ثقيلاً، دخل في الأمر مع الجهد؛ لأن النفس تأبى ذلك، فدخلت فيه بإكراه صاحبها لها على ذلك، فجاءه العون من الله، فيسير عليها، وعلى ذلك دل عباده بقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
فأمره بالعبادة، وسؤال العون، فما لم يقدم العبد على ذلك، فسؤاله المعونة كالمحال، وذلك أنه أعطي القوة على القيام بما أمره الله، إلا أن النفس