كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

قامت تدعو إلى خلاف ذلك، فجاءت بشهواتها تريد أن تغلب القلب على ما أمن، فاحتاج عند مجاهدة النفس إلى عون من الله، وهو نور يرد على القلب، فيستنير الإيمان، ويمتزج به النور، فيقوى القلب، وتذل النفس، وتخمد شهواتها؛ لأن الخوف يحل بها من النور الوارد، فتذل النفس.
فينبغي للعبد أن يقدم على كل أمر أمرَ به، وأن ينتهي عن كل ما نهي عنه بما أعطي من العلم، والعقل، والإيمان بالله، وذلك مع جهد شديد، وينتظر العون من الله، ولا يلقي بيديه إلى التهلكة، وكذلك التوبة، يخرج إلى الله من جميع ما نهي عزماً بالقلب، وجهداً على النفس، وتخلياً بالأركان مع عسر، وشدة، وجهد، فإذا العون من الله قد جاء، فيسر عليه كل ذلك، ولم يأمرنا الله أن نقول: {إياك نعبد وإياك نستعين} على العبودة، ثم يحبس عنا العون، ما هذا بمظنون به، وقال: {فإن مع العسر يسراً}، فأخرج العسر مخرج المعونة، واليسر نكرة؛ كأنه يقول: {فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً} آخر، لا هذا، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن يغلب عسرٌ يسرين)).

الصفحة 175