كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

ثم يزداد النور، فتدخله الخشية، وهو نور القربة، فيحل بها الرهبة من الله، ثم يزداد النور، فتدخله العظمة، فتحل بها الهيبة من الله، والخوف الخالص منه، فتيبس، وتذهب شهواتها، وتخشع لله، وتصير تابعة للقلب، فمنه بدأ أول النور، فوجد العبد متسعاً في صدره، فقيل: صابر، ثم زيد، فهو صابر قانع، ثم زيد، فهو صابر راضٍ مراقب، ثم زيد، فهو صابر راضٍ مراقب واله، ثم زيد، فهو منفرد، قد انفرد لربه، ولها عن الصبر والرضا، والمراقبة، والوله، وهذا كله له، والانفراد غالب عليه، فهو في قبضته يستعمله، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن الله عز وجل حيث يقول: ((كنت سمعه وبصره، ويده ورجله، ولسانه وفؤاده، فبي ينطق، وبي يعقل، وبي يمشي، وبي يبصر، وبي يبطش)).
وهو قول عمر -رضي الله عنه- حيث شج عليٌّ رضي الله عنه ذلك الرجل، فأتى عمر رضي الله عنه، فقال: من فعل بك ويحك؟! قال: علي، فسأل علياً، فقال: إني مررت به، فأصغيت إليه بسمعي، فإذا هو يكلم امرأة بكلام، فلم أملك حتى ضربته، فقال عمر: أيها الرجل! أصابتك عين من عيون الله عز وجل،

الصفحة 180