كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

فمخافة الله هي التي ألهته عن الأشياء حتى صارت رأس الحكمة وهو تعلق القلب بمشيئة الله لما صار إلى المشيئة، أبهم الأمر عليه، فقد علم أنه شاء فخلقه، ولا يدري لماذا خلقه، فظهر له بعض المشيئة، وخفي عليه آخر شأنه من مشيئة الله، فأقلقه، وألهاه، فهذا رأس الحكمة، ومن هاهنا مبتدأ تدبيره له بالحكمة البالغة، وقال في تنزيله: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} إلى قوله: {فضلاً من الله ونعمةً والله عليمٌ حكيمٌ}.
فهو حكيم بالحكمة دبر له: أموره من مبتدئها إلى آخرها، فخوف المشيئة أذهله عن النفس، وعن دنياه، فلما زايلته نفسه ودنياه، انشرح صدره، واتسع في الحكمة.

الصفحة 188