كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

يتحلى بظاهر الإيمان؛ ليصطاد بها الدنيا، صير معالم الإيمان شبكة لحطام الدنيا وأوساخها، يظهر الخشوع بالتماوت كي يحظى عند أهل الدنيا، فينال من عزها وجاهها؛ كي ينال بها مناه وشهواته، يتحازن عند لقاء الخلق، ويتنفس الصعداء، يظهر بذلك الاهتمام لدينه، والتحسر على إدبار أمره، وإنما هو آسف منه على ما يفوته من الدنيا، يمتنع من قبول الشيء اليسير من الدنيا؛ ليكون في هيئة الزاهدين عند الخلق، يخاف إن قبله أن ينكسر جاهه عند الخلق ورياسته؛ لأنه يصير عندهم في صورة الراغبين، فهو مع الحاجة هكذا ينتظر فريسته، فكل باب من الأبواب المنالات الدنياوية قد هيأ له باباً من أبواب الدين؛ ليختله من أيديهم بذلك، يظهر الزهادة؛ ليختال عليه بالدنيا، ويظهر العبادة؛ ليهيأ له، ويكفى مؤنه، ويظهر الورع؛ ليؤتمن على الأموال، ويظهر الانقباض؛ ليهاب، ويظهر الشدة على أهل الريب؛ ليشار إليه بالأصابع ويطلب الرياسة؛ ليحكم بين الخلق في معاملته بحكم الملوك، ويطلب العز؛ لنفاذ مشيئاته فيهم، كل ذلك ختلاً لنوال هذه الدنسة التي خلقت من تراب، ثم يتخلى عنها أوفر ما كانت، حتى تكون فريسة الأسد والذئاب والثعالب.
قوله: ((يختل الدنيا بالشبهات)): فهذا أيسر من الذي يختله بالدين،

الصفحة 20